نزار قباني.. في ذكرى الغياب، شاعرٌ لا يغيب

في كل عام، ومع حلول ذكرى رحيل الشاعر السوري الكبير نزار قباني، تعود قصائده لتنبض بالحياة من جديد، ويتجدد حضور صوته في الذاكرة العربية.
ولد نزار قباني في 21 مارس 1923 في دمشق، وسط بيئة دمشقية عريقة شكّلت وجدانه الشعري وفتحت له أبواب الجمال والمأساة في آنٍ واحد. بدأ مسيرته الأدبية في سن مبكرة، حيث أصدر أولى مجموعاته الشعرية "قالت لي السمراء" عام 1944، ليؤسس منذ ذلك الحين لأسلوب جديد في الشعر العربي، اتسم بالبساطة، المباشرة، والعاطفة المتدفقة.
نزار، الذي خرج من شوارع دمشق القديمة، حمل عطر الياسمين ووجع الشرق، وسافر بهما إلى العالم كله. كتب للمرأة كما لم يكتب أحد، وجعل من الحب قضية، ومن القصيدة ثورة. في كلماته تجد الوطن والأنوثة والحلم والانكسار.

لكن نزار لم يكن شاعر الحب فقط. فبعد النكسة عام 1967، تحوّل قلمه إلى منبر احتجاج سياسي، عبر فيه عن غضب الشعوب من الهزائم والخذلان، وهاجم أنظمة القمع والاستبداد، فكتب: "إذا خسرنا الحرب لا غرابة، لأننا ندخلها بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة." بهذه الكلمات، جسّد نزار نبض الأمة العربية، فصار شاعرها لا بلسانه فقط، بل بقلبه وجرأته أيضًا
تتنوع موضوعات دواوينه التي فاقت الأربعين، بين الحب والسياسة، المرأة والحرية، الوطن والهوية. وقد ترجم بعضها إلى لغات عدة، كما غنى كبار المطربين العرب قصائده، فزادها ذلك انتشارًا وتأثيرًا في مختلف الأوساط.

رحل نزار قباني في 30 أبريل 1998 في لندن، لكنه أوصى بأن يُدفن في دمشق التي قال عنها: "هي جنتي وجحيمي... أحبها كما هي". وهكذا، عاد جسده إلى مدينته التي أحبها بقدر ما كتب عنها، بينما بقيت أشعاره تمشي على ألسنة العشاق والثوار، ترفض أن تُنسى أو تُطوى بين صفحات التاريخ.