جائزة الأوسكار مثالا: هل تغيرت معايير النجاح في هوليوود
لم تعد جائزة الأوسكار مجرد احتفاء بالبراعة التقنية أو الأداء الصاخب بل تحولت إلى مرآة تعكس تغيرا جوهريا في طريقة فهم النجاح داخل هوليوود.
الدورات الأخيرة كشفت بوضوح أن معايير الفوز لم تعد تدور حول حجم النجومية أو أرقام الإيرادات بل اتجهت نحو أعمال أكثر هدوءا وصدقا تنبع من تجارب إنسانية شخصية وتقترب من الواقع دون افتعال أو مبالغة.
من التمثيل الصاخب إلى الأداء الداخلي
لفترة طويلة ارتبطت الجوائز الكبرى بأدوار تعتمد على المبالغة
تحولات جسدية لافتة نوبات انفعال واضحة أو تجسيد شخصيات تاريخية بأسلوب استعراضي كان هذا النوع من الأداء ينظر إليه باعتباره الطريق الأقصر نحو التتويج
اليوم تبدل المشهدبات التمثيل القائم على الإيحاء والصمت والانكسار الداخلي أكثر حضورا في اختيارات الأوسكار وكأن الأكاديمية باتت تبحث عن الصدق قبل القوة، وعن الإحساس قبل الاستعراض.
يعد فوز بريندان فريزر عن دوره في The Whale مثالا دالا على هذا التحول الدور لم يعتمد على الصراخ أو المبالغة بل على الألم المكبوت والهشاشة الإنسانية كما أن التتويج بدا اعترافا برحلة فنية وشخصية شاقة وليس فقط تقديرا لأداء معزول عن سياقه.


السيرة الذاتية كجزء من التجربة الفنية
في هوليوود المعاصرة لم يعد الفنان يقيم فقط بما يقدمه على الشاشة بل بما يحمله خلفها من تجارب قصص العودة بعد الغياب أو مواجهة الاكتئاب أو التوازن بين الأمومة والعمل أصبحت عناصر مؤثرة في استقبال الأعمال وتفاعل الجمهور معها.
هذا التداخل بين الحياة الشخصية والفن خلق نوعا جديدا من التعاطف وجعل النجومية أقرب إلى الإنسانية منها إلى الأسطورة.
ويتجسد ذلك بوضوح في النجاح الكبير لفيلم Everything Everywhere All at Once الذي اعتمد على حكاية عائلية بسيطة عن الفشل والبحث عن الذات بعيدا عن القوالب التجارية المعتادة.
الفيلم ومعه ممثلون عادوا إلى الواجهة بعد سنوات من الغياب أكد أن التجربة الإنسانية الصادقة باتت قيمة مركزية في صناعة السينما.
السينما الصغيرة في مواجهة السوق
في الوقت الذي تراجعت فيه هيمنة شباك التذاكر كمعيار وحيد للنجاح برزت أفلام محدودة الميزانية لكنها عميقة التأثير مثل Nomadland وCODA.
هذه الأعمال لم تراهن على الأبطال الخارقين أو الحبكات الضخمة بل على شخصيات عادية تعيش على الهامش وتواجه أسئلة الهوية والانتماء والعائلة وهو ما جعلها أكثر قربا من جمهور يعيش بدوره حالة من القلق والتحول.
في النهاية يبدو أن الأوسكار لم يعد يحتفي بما هو أعلى صوتا بل بما هو أصدق أثرا في انعكاس واضح لتحول هوليوود نفسها من صناعة للنجومية إلى مساحة أوسع للاعتراف بالإنسان وتجربته