ذكرى رحيل سيد درويش.. فنان الشعب وصوت النهضة المصرية

تحل اليوم ذكرى رحيل رائد النهضة الموسيقية في مصر والوطن العربي، سيد درويش، الذي غادر دنيانا في مثل هذا اليوم عام 1923، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا خالدًا ما زال حاضرًا في وجدان المصريين والعرب حتى الآن. فقد عُرف بـ"فنان الشعب"، لأنه غنّى للعمال والفلاحين والطلاب، وجعل من الموسيقى أداة تعبير عن هموم الناس وأحلامهم.


سيد درويش لم يكن مجرد ملحن ومطرب تقليدي، بل كان مدرسة قائمة بذاتها؛ فقد طوّر من شكل الطرب المصري، ودمج بين الأصالة والتجديد، واستطاع أن يجعل الأغنية مرآة تعكس أحداث عصره، سواء من خلال الأناشيد الوطنية مثل "قوم يا مصري"، أو الأغاني الاجتماعية التي انتقد فيها عادات سلبية، مرورًا بالألحان المسرحية التي لا تزال علامة فارقة في تاريخ الفن المصري.
وقد ارتبط اسم سيد درويش بالثورة العرابية ثم ثورة 1919، حيث تحولت أغانيه إلى لسان حال الجماهير في الشوارع والميادين، تغني بها الطلبة والمتظاهرون كرمز للتحرر والاستقلال. كما تعاون مع كبار شعراء عصره ليصنعوا معًا أغاني خالدة، من أبرزها ما غنته الفرق المسرحية مثل فرقة نجيب الريحاني وعلي الكسار.
وبعد مرور أكثر من مئة عام على رحيله، لا تزال مؤلفاته تُدرّس في معاهد الموسيقى العربية، وتُعاد غناؤها على المسارح الكبرى، تأكيدًا لقيمتها الفنية وعمق تأثيرها. فقد شكّل سيد درويش حجر الأساس الذي مهد الطريق أمام أجيال لاحقة من عظماء الموسيقى مثل محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، الذين تأثروا جميعًا بمدرسته.
هكذا يبقى سيد درويش حيًا في الذاكرة، ليس فقط كأحد أعظم ملحني مصر، بل كرمز وطني حمل هموم الناس بصوته وألحانه، وجعل الفن رسالة للتنوير والتغيير.