18 يوليو.. يوم عهد الاتحاد: محطة مفصلية في مسيرة قيام دولة الإمارات

في 18 يوليو 1971، اجتمع قادة الإمارات في لحظة تاريخية مصيرية، أعلنوا فيها التوافق على صيغة مبدئية لتوحيد الصفوف، فكانت البداية الحقيقية لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
هذا اليوم، الذي أُطلق عليه لاحقاً “يوم عهد الاتحاد”، يُعد من أهم المحطات التي سبقت الإعلان الرسمي عن الاتحاد في 2 ديسمبر من نفس العام.
الاجتماع الحاسم في منطقة السميح
حيث شهدت منطقة “السميح”، الواقعة بين إماراتي أبوظبي ودبي، اللقاء التاريخي الذي جمع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم أبوظبي، والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي، في إطار مبادرة طموحة لتوحيد الإمارات المتصالحة في كيان اتحادي واحد.
هذا اللقاء، المعروف بـ”لقاء السميح”، أسفر عن اتفاق مبدئي بين القائدين على الاتحاد، وتعهّدهما بدعوة بقية الحكّام للانضمام إلى هذا المشروع.
وفي 18 يوليو من العام نفسه، التقى الشيخ زايد وإخوانه حكام الإمارات الأخرى (الشارقة، عجمان، أم القيوين، والفجيرة) لتوقيع وثيقة الاتحاد، والتي نصّت على:
- الاتفاق على تشكيل دولة اتحادية.
- وضع دستور مؤقت ينظم سلطات الدولة الاتحادية وعلاقتها بالإمارات الأعضاء.
- تأسيس المجلس الأعلى للاتحاد.
- تحديد آليات توزيع الصلاحيات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
وثيقة الاتحاد: اللبنة الدستورية الأولى
وثيقة الاتحاد لم تكن مجرد ورقة سياسية، بل كانت بمثابة “عقد اجتماعي” جديد جمع الإمارات السبع في رؤية اتحادية مشتركة.
وقد اعتمدت الوثيقة مبادئ الاحترام المتبادل للسيادة، وتوحيد المصالح، والتعاون الاقتصادي والأمني، وحماية المكتسبات الوطنية.
وبالرغم من أن إمارة رأس الخيمة لم تنضم فوراً، فإنها لحقت بركب الاتحاد في فبراير 1972، بعد أن رأت نجاح الاتحاد ومتانة مشروعه الوطني.
18 يوليو.. ذكرى تؤرّخ لولادة الهوية الاتحادية
ويُنظر إلى يوم 18 يوليو اليوم باعتباره “ميلاد الفكرة الاتحادية” الحقيقي، حيث وضع حجر الأساس للهوية السياسية والدستورية لدولة الإمارات.
وقد أبدى المغفور له الشيخ زايد حكمة ورؤية ثاقبة في قيادة هذا التوجه، حيث آمن منذ البداية بأن الاتحاد هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن، والاستقرار، والتنمية المستدامة لشعب الإمارات.
ويُخلَّد هذا اليوم في الذاكرة الوطنية سنوياً، لا باعتباره تاريخاً سياسياً فحسب، بل بصفته رمزاً للعهد والوحدة، والتضحية من أجل بناء كيان قوي ومتجانس، استطاع في وقت قياسي أن يتحوّل إلى نموذج عالمي في التنمية، والحوكمة، والإنسانية.
من السميح إلى العالمية
ما بدأ في صحراء السميح عام 1971، أصبح اليوم دولة عصرية تضاهي كبرى دول العالم في المؤشرات الاقتصادية، والتنموية، والإنسانية، وبفضل تلك الخطوة الجريئة يوم 18 يوليو، استطاعت الإمارات أن تنطلق نحو مستقبل قائم على الوحدة والتسامح والرؤية المشتركة.
رسالة لكل امرأة إماراتية وعربية
هذا اليوم هو تذكير بأن البناء الحقيقي يبدأ بفكرة، ويتعزز بالإرادة، ويستمر بالعطاء، تماماً كما كانت المرأة الإماراتية شريكة منذ البداية في النهضة الوطنية، تظلّ رسالتها اليوم أن تحافظ على هذا العهد، وتغرسه في قلوب الأجيال القادمة.



