"ديبسيك" تهز عرش الذكاء الاصطناعي بأسعار غير مسبوقة

في خطوة قد تعيد رسم خريطة الذكاء الاصطناعي أطلقت شركة "ديبسيك" الصينية نماذج جديدة بأسعار أقل بكثير من تلك التي تقدمها أوبن إيه آي مما يفتح الباب أمام منافسة غير مسبوقة في هذا المجال هذه الخطوة قد تحدث تحول جوهري في السوق حيث تبرز كبديل أكثر كفاءة وأقل تكلفة من النماذج المغلقة المصدر التي تعتمدها الشركات الأميركية الكبرى.
تفوق تقني بتكلفة أقل
الاعتماد المتزايد على البيانات العامة جعل أداء النماذج الذكية متقارب غير أن "ديبسيك" استطاعت تقديم نماذج تضاهي وربما تتفوق على تلك التي توفرها "أوبن إيه آي" ما يميز الشركة الصينية هو استراتيجيتها الجريئة في التسعير حيث تشير تقارير "Bernstein" إلى أن أسعار "ديبسيك" تقلّ بنسبة تتراوح بين 20 إلى 40 مرة مقارنة بأسعار "أوبن إيه آي" على سبيل المثال يكلّف نموذج "ريزنر" من "ديبسيك" 55 سنت لكل مليون رمز (Token) بينما تطلب "أوبن إيه آي" 15 دولار لنفس العدد عبر نموذجها "O1".
تعتبر الرموز العنصر الأساسي في تحليل النصوص وفهمها في تطبيقات الذكاء الاصطناعي حيث يعادل كل رمز نحو ثلاثة أرباع كلمة وبما أن التسعير يتم بناءً على عدد الرموز المستخدمة فإن تكلفة "ديبسيك" المنخفضة تجعلها خيار جذاب للمستخدمين الأفراد والشركات على حد سواء.
نهج مفتوح يغير قواعد اللعبة
إحدى أبرز نقاط القوة لدى "ديبسيك" هي اعتمادها على النماذج مفتوحة المصدر ما يسمح لأي شخص باستخدامها أو تعديلها دون قيود على العكس من ذلك تعتمد "أوبن إيه آي" على نماذج مغلقة بأسعار مرتفعة ما يحد من إمكانية الوصول إليها هذه الاستراتيجية المفتوحة قد تعيد تعريف المنافسة حيث توفر بديل فعال من حيث التكلفة والجودة مما قد يجبر الشركات الكبرى على إعادة النظر في نماذج أعمالها.
نجاح "ديبسيك" أصبح واضح بعد أن تصدر تطبيقها قائمة التطبيقات الأكثر تحميل على متجر "أبل"، متجاوز"شات جي بي تي" هذا الإنجاز يبرهن على مدى اهتمام المستخدمين بالنماذج التي توفر أداء عالي بأسعار معقولة.
زلزال في سوق الأسهم وتأثيره على عمالقة التكنولوجيا
تزامن صعود "ديبسيك" مع موجة بيع ضخمة في "وول ستريت" حيث شهدت أسهم "إنفيديا" وغيرها من شركات الذكاء الاصطناعي انخفاض حاد أدى إلى فقدان السوق نحو تريليون دولار في يوم واحد هذه الخسائر تعكس المخاوف المتزايدة من انفجار فقاعة أسهم الذكاء الاصطناعي خاصة بعد ظهور منافس قوي مثل "ديبسيك" قادر على تقديم نماذج متطورة بتكلفة أقل بكثير.
وكانت الشركة الصينية قد أعلنت أن نموذجها الأولي "ديبسيك-آر1" الذي تم إطلاقه في ديسمبر الماضي كلف أقل من 6 ملايين دولار لتطويره وهو رقم يثير الدهشة مقارنة بالتكاليف الضخمة التي تنفقها الشركات الأميركية والتي قد تتجاوز مئات الملايين من الدولارات ورغم التشكيك في صحة هذا الرقم فإن مجرد الإعلان عنه يكشف عن إمكانية بناء نماذج ذكاء اصطناعي متطورة باستثمارات أقل بكثير مما كان يعتقد سابقًا.
رد فعل أوبن إيه آي
الرئيس التنفيذي لـ"أوبن إيه آي" سام ألتمان وصف نموذج "آر1" من "ديبسيك" بأنه "مذهل" لكنه شدد على أن شركته لا تزال تعتقد أن القدرة الحاسوبية الكبيرة هي مفتاح النجاح في هذا المجال وأضاف في منشور على منصة "إكس" أن "ما تقدمه ديبسيك مقابل السعر مثير للإعجاب" لكنه أكد التزام شركته بمواصلة الاستثمار في زيادة القدرات الحاسوبية.
من جانبه يرى بعض المحللين أن النجاح الذي تحققه "ديبسيك" قد يكون بداية لموجة جديدة من المنافسة في سوق الذكاء الاصطناعي حيث يصبح التركيز على التكلفة والكفاءة بدل من الاعتماد على استثمارات ضخمة في البنية التحتية.
هل تغير "ديبسيك" معادلة الذكاء الاصطناعي؟
مع استمرار توسع "ديبسيك" واعتمادها على نماذج مفتوحة المصدر قد تواجه الشركات الأميركية الكبرى تحديات جديدة في الاحتفاظ بحصتها السوقية السؤال الأهم الآن هل تكون هذه الخطوة بداية لتحوّل كبير في عالم الذكاء الاصطناعي حيث يصبح الوصول إلى النماذج المتطورة متاحه للجميع دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة؟ الأيام القادمة ستكشف مدى تأثير "ديبسيك" على مستقبل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا العالمية.