مسرحيتا إمبراطورية منخوليا وهذيان تخطفان الأضواء في مهرجان الرياض للمسرح
في ليلة درامية استثنائية، حمل مهرجان الرياض للمسرح الجمهور إلى عالمين مختلفين من خلال عرض مسرحيتي "إمبراطورية منخوليا" و"هذيان".
وتأتي هذه العروض ضمن فعاليات المهرجان الثقافية التي انطلقت في 15 ديسمبر وتستمر حتى 26 ديسمبر 2024، لتؤكد مكانة المسرح كمنصة للإبداع والحوار الثقافي.
“إمبراطورية منخوليا”
تتناول المسرحية قصة الحاكم غانم، الحالم بتأسيس إمبراطورية مثالية تقوم على قيم العدل والمساواة ، ومع تطور الأحداث، تتوالى العقبات التي تواجه رؤيته، ما يثير التساؤل حول إمكانية تحقيق الحلم في عالم تسيطر عليه التعقيدات.
استخدمت المسرحية السينوغرافيا بشكل إبداعي، خاصة المرايا التي عكست فلسفة العرض، وأبدع الفنان محمد لادان في دور الجندي، حيث أضفى حضوره الإنساني بعدا مؤثرا رغم فقده للبصر .
كما سلطت المسرحية الضوء على الوهم الذي يسكن الإنسان، حينما يركض خلف أحلام مثالية، فتغرقه في متاهة من التعاسة، بينما يكمن الخلاص في مواجهة الحقيقة، مهما بدت مؤلمة، ولكن من خلال إبداع بصري ساحر وسينوغرافيا تحاكي العوالم الخيالية، استطاع العرض أن يجسد الصراع الأبدي بين الحلم والواقع.
“هذيان”
أما مسرحية "هذيان"، فقدمت تجربة نفسية عميقة تتبع صراع نحات مع ذاته ، تبدأ الأحداث بظهور زوجته من إحدى لوحاته، وتتصاعد الدراما وصولا إلى مأساة قتلها، ما يعكس الصراع الداخلي للنحات وتجسيد ضميره من خلال شخصية المحقق.
نجح العرض في المزج بين الواقع والخيال، وطرح تساؤلات حول الحياة والحقيقة، مدعوما بأداء استثنائي من بطل المسرحية، الذي جسد معاناته بتأثير عاطفي عميق.
وقد أثنى النقاد على الحبكة الدرامية والنص الحواري المتماسك، الذي نجح في جذب انتباه الجمهور منذ اللحظة الأولى وحتى النهاية.
الندوات النقدية
شهد المهرجان ندوتين نقديتين خصصتا لمناقشة العملين ، سلطت الدكتورة أميرة بخاري والناقدة اللبنانية رشا الدبيسي الضوء على الجوانب الفكرية والإبداعية في "إمبراطورية منخوليا"، مشيدتين بالنص وأداء الممثلين.
أما الناقد العماني علي المعمري، فقد تناول "هذيان" برؤية تحليلية عميقة، مشيدا بالحوار المترابط والبنية الدرامية التي شدت الجمهور من البداية إلى النهاية.
يمثل مهرجان الرياض للمسرح فرصة ثمينة للتفاعل الثقافي والفني، حيث يجمع بين الإبداع المسرحي والجمهور التواق لاستكشاف أبعاد جديدة من الدراما والفكر.