في ذكرى ميلاد بليغ حمدي.. عبقري اللحن المصري الذي غيّر ملامح الموسيقى العربية

تحل علينا اليوم ذكرى ميلاد الموسيقار الكبير بليغ حمدي، أحد أبرز من أناروا سماء الموسيقى العربية في القرن العشرين.
وُلد في مثل هذا اليوم عام 1931، ليصبح لاحقًا من أهم صُنّاع الأغنية الحديثة وصاحب بصمة موسيقية فريدة جمعت بين الأصالة والتجديد، والعاطفة والجرأة الفنية.
لم يكن بليغ مجرد ملحن، بل كان ثورة موسيقية متحركة غيّرت ملامح الطرب العربي، إذ تعاون مع كبار نجوم الغناء مثل أم كلثوم، عبدالحليم حافظ، وردة، شادية، نجاة الصغيرة، فايزة أحمد، محمد رشدي، وعفاف راضي، مقدمًا لهم ألحانًا خالدة شكّلت جزءًا من الذاكرة الموسيقية العربية.
من شبرا إلى قلوب الجماهير
وُلد بليغ في حي شبرا الشعبي بالقاهرة، وبرزت موهبته منذ الصغر في العزف على العود، وبعد دراسته في معهد فؤاد الأول، أصبح ملحنًا معتمدًا بالإذاعة وهو في العشرين من عمره، كانت انطلاقته الحقيقية مع عبد الحليم حافظ في أغنية "تخونوه" عام 1953، التي فتحت أمامه طريق المجد الفني.
تعاوناته مع عمالقة الطرب
أبدع بليغ في تقديم ألحان لأم كلثوم من أبرزها "حب إيه" و"أنساك" و"فات الميعاد" و"سيرة الحب"، كما شكّل مع عبد الحليم حافظ ثنائيًا فنيًا استثنائيًا قدما معًا روائع مثل "حاول تفتكرني" و"موعود" و"زي الهوى" و"عدى النهار" التي عبرت عن آلام الأمة بعد نكسة 1967.
ولم يقتصر عطاؤه على لون واحد، فلحن لشادية "خد بإيدي"، ولنجاة "عيون القلب"، ولفايزة أحمد "أنا قلبي إليك ميال"، وقدم لمحمد رشدي أعمالًا شعبية أصيلة مثل "عدوية" و"بلديات".
قصة حب خالدة مع وردة
ارتبط اسم بليغ بقصة حب استثنائية مع وردة الجزائرية، بدأت في الستينيات وتوجت بزواجهما عام 1972 بعد عشر سنوات من الفراق، وقدما معًا مجموعة من أجمل الأغنيات مثل "بودعك" و"خليك هنا" و"اسمعوني"، وعلى الرغم من انفصالهما لاحقًا، ظل الحب والاحترام يجمع بينهما حتى رحيله عام 1993.
شهادات فنية خالدة
كشفت الفنانة لطيفة عن أول لقاء جمعها ببليغ وقالت إنها كادت تفقد الوعي من شدة المفاجأة حين رأته، مضيفة أنه كان سببًا في اكتشاف موهبتها.
أما محرم فؤاد فوصفه بأنه "فنان لا يخاصمه الوحي"، بينما أكدت عفاف راضي أنه تبناها فنيًا حين رفضها الجميع، مشيرة إلى أن تعاونهما في "ردوا السلام" كان بداية نجاحها.
فيما روى علي الحجار أنه بكى حين سمعه بليغ يغني لأول مرة، وقال له حينها: "مصر ولادة"، في مشهد لا يُنسى من تاريخ الفن المصري.
يظل بليغ حمدي حتى اليوم رمزًا للعبقرية الموسيقية المصرية، وصوتًا خالدًا جمع بين إحساس الكلمة وروح اللحن، تاركًا إرثًا لا يُمحى في ذاكرة الغناء العربي.