ذكرى رحيل فاروق الفيشاوي.. مسيرة نجم لا تنطفئ وبصمات خالدة في الفن

تحل اليوم، 25 يوليو ذكرى رحيل النجم الكبير فاروق الفيشاوي، أحد أبرز أعمدة التمثيل في السينما والدراما المصرية والعربية، الذي غيبه الموت في مثل هذا اليوم من عام 2019، بعد صراع شرس مع مرض السرطان، واجهه بشجاعة حتى اللحظة الأخيرة.
ولد الفيشاوي في 5 فبراير 1952 بقرية سرس الليان بمحافظة المنوفية، ونشأ في أسرة بسيطة، لكنه حمل منذ صغره شغفا كبيرا بالفن، فكان قدره أن يتحول إلى نجم بارز في ذاكرة الجماهير، بعدما ترك خلفه إرثا فنيا يناهز 130 فيلما، وأكثر من 100 عمل درامي ومسرحي.

من الطب إلى التمثيل.. رحلة كسر التوقعات
رغم حصوله على ليسانس الآداب وبكالوريوس الطب العام من جامعة عين شمس، إلا أن حبه العميق للفن قاده إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، حيث تخرج منه، ليبدأ مسيرته من على خشبة المسرح، بعدما اكتشفه المخرج الكبير عبد الرحيم الزرقاني خلال إحدى العروض الجامعية.
ومن المسرح إلى التلفزيون، ثم إلى السينما، تدرج الفيشاوي بخطى ثابتة، حتى كانت انطلاقته الحقيقية في مسلسل "أبنائي الأعزاء.. شكرا" عام 1980، من إخراج محمد فاضل، ولفت الأنظار إليه بقوة، ليؤكد حضوره في مسلسل "ليلة القبض على فاطمة"، وتبدأ مرحلة النجومية في الثمانينيات.
"المشبوه" بوابة المجد السينمائي
التحول الكبير في مسيرته جاء عبر فيلم "المشبوه" عام 1981، حيث شارك البطولة أمام عادل إمام وسعاد حسني، في عمل أصبح من علامات السينما المصرية.
توالت بعدها أدواره المؤثرة، منها: حنفي الأبهة، قضية عم أحمد، المرأة الحديدية، الطوفان، غاوي مشاكل، الجاسوسة حكمت فهمي، قهوة المواردي، الحرافيش، وغيرها من الأفلام التي أظهرت قدرته على التنقل بسلاسة بين الرومانسي، والكوميدي، والتراجيدي، والأكشن.
الفيشاوي في الدراما.. الحضور الدائم
على صعيد الدراما التلفزيونية، برع الفيشاوي في تقديم شخصيات متنوعة، تاركا بصمة واضحة في أعمال مثل:"على الزيبق"،"رجل طموح"، "وجه القمر" أمام فاتن حمامة، "قاتل بلا أجر"، "رأس الغول" مع محمود عبد العزيز ،وظهر كضيف شرف في "عوالم خفية" بجانب صديق عمره عادل إمام.
وتميزت شخصياته بالعمق الإنساني والانفعالي، ما جعله محبوبًا لدى كل الأجيال.
ألقاب فنية وشخصية استثنائية
عرف الفيشاوي بألقاب عدة مثل:
"الولد الشقي"، "البرنس"، "الحاوي"، وهي ألقاب لم تمنح له عبثا، بل تعكس روحه الحرة، وتمرده الإيجابي، وحبه للحياة والمغامرة، كما عرف بسلوكه الراقي وتعاطفه مع زملائه.
مواجهة السرطان.. شجاعة لا تنسى
في أكتوبر 2018، وخلال مهرجان الإسكندرية السينمائي، أعلن فاروق الفيشاوي أمام الحاضرين إصابته بالسرطان، قائلًا ببساطة وشجاعة: "قررت أن أتعامل مع المرض كما لو كان صداعا.. وسأنتصر عليه".
لم يختبئ خلف الألم، بل واصل العمل والعطاء، وكان آخر ظهور له على المسرح من خلال مسرحية "الملك لير" أمام يحيى الفخراني، في عودة مبهرة للمسرح بعد غياب 18 عامًا.
إرث خالد في ذاكرة الفن العربي
برحيله في 25 يوليو 2019، خسر الوسط الفني فارسا نبيلا، وفنانا لا يعرف إلا الشغف والإخلاص، إلا أن ما تركه من أعمال وإنجازات باقي في وجدان الجمهور، الذي لا يزال يتذكر حضوره الطاغي وصدقه في كل دور أداه.
فاروق الفيشاوي لم يكن مجرد ممثل، بل حالة فنية وإنسانية متفردة، عاش حرا، ومات مرفوع الرأس.