أبوظبي تحتضن أبطال التحدي: اسطبلات القصر تطلق برنامج بارا درِساج بمشاركة الفارسة فاطمة البلوشي من ذوي الهمم

في خطوة ريادية تُعد الأولى من نوعها في الإمارات، أطلقت “الاسطبلات الملكية” في أبوظبي برنامج “البارا درِساج” (Para Dressage Performance Programme)، ليكتب فصلاً جديدًا من التمكين الرياضي لأصحاب الهمم، ويؤسس لمنتخب وطني يطمح للمشاركة في دورة الألعاب البارالمبية 2028 في لوس أنجلوس.
ويُعد البارا درِساج، أو “الباليه على ظهر الخيل”، الرياضة الفروسية الوحيدة المدرجة في جدول الألعاب البارالمبية منذ عام 1996.
وسط بيئة رياضية متكاملة تشمل مدربين محترفين، علاجًا طبيعيًا، دعمًا نفسيًا وغذائيًا، بالإضافة إلى جهاز محاكاة إلكتروني (Racewood Simulator) يحاكي حركات الحصان بدقة، تسعى المبادرة إلى دعم الرياضيين ذوي الإعاقة من مختلف إمارات الدولة، مع التركيز على تنمية المواهب المحلية.
من بين هؤلاء الرياضيين، تبرز فاطمة البلوشي، فارسة إماراتية تبلغ من العمر 31 عامًا، وُلدت بمرض السِّنسنة المشقوقة (spina bifida)، وهي حالة خلقية تؤثر على تكوين العمود الفقري وتؤدي إلى صعوبات في الحركة، إلا أن التحدي الجسدي لم يكن حاجزًا أمام شغفها.
فاطمة لم تجد حريتها في المشي، بل وجدتها على السرج، حيث قالت في تصريحاتها الإعلامية: “عندما بدأت ركوب الخيل شعرت وكأنني أتحرك بحرية لأول مرة، لم يكن مجرد رياضة، بل لحظات من التحرر الحقيقي”.
اكتشفت فاطمة حبها للخيل في سن 21، ووجدت في حضورها الهادئ قوة تشبه الصمت العميق، منذ ذلك الحين، تغيّر منظورها لنفسها، من فتاة كانت تشك في قدراتها إلى رياضية تعرف قيمتها جيدًا، حيث قالت: “الفروسية غيّرت نظرتي لذاتي، تعلّمت أن القوة ليست في الجسد فقط، بل في الإرادة، وكل مرة أمتطي فيها الحصان، أشعر وكأني أتحدى كل الصور النمطية”.
من خلال البرنامج، تم نقل فاطمة للإقامة في أبوظبي لتكون أقرب إلى التدريب اليومي، مع توفير سائق خاص لنقلها من مقر عملها كموظفة إدارية في شرطة دبي، وبعد أن كانت محصورة في جلسات نهاية الأسبوع، بات بإمكانها التدريب بشكل منتظم، مما انعكس على تطورها التقني الملحوظ، بدءًا من المشي والهرولة بشكل مستقل، وصولًا إلى الحركات المتقدمة مثل الدوران في المكان والانحناءات الجانبية.
في يونيو الماضي، خضعت فاطمة لتدريب مكثف في المملكة المتحدة استعدادًا لتصنيفها الرياضي، وهي خطوة ضرورية ضمن معايير الاتحاد الدولي للفروسية، الذي يقيّم المتسابقين بناءً على قدراتهم الجسدية لتحديد الفئة التنافسية المناسبة.
معالي بثينة عبدالله المزروعي، عضو مجلس إدارة الإسطبلات الملكية، قد صرحت: “هذا البرنامج يؤكد أن الأحلام لا تُقاس بالقيود الجسدية، وأن فرسان الإمارات من أصحاب الهمم يستحقون مكانهم على المنصات وأمام العالم”.
وأضافت: “كل فارس في هذا البرنامج هو رسالة أمل، ووجود فاطمة لا يقتصر على الإنجاز الرياضي، بل يلهم فتيات الجيل القادم. إحدى الفتيات جاءت إليها بعد عرض، وقالت لها: ‘هل يمكنني أن أكون مثلك؟’، واليوم تلك الطفلة بدأت تدريبها بالفعل”.


وتختم فاطمة برسالة ملهمة: “الفروسية منحتني الثقة بالنفس، وساعدتني على تجاوز كل التحديات بروح إيجابية، اليوم، نحن لسنا فقط فئة خاصة، بل أبطال يُحترمون ويُحسب لهم الحساب”.