الكلوروفيل في مياه الشرب: موضة رقمية أم فائدة صحية حقيقية؟

في عصر تهيمن فيه منصات التواصل الاجتماعي على اتجاهات الجمال والعناية الذاتية، برز الكلوروفيل – الصبغة الخضراء التي تمنح النباتات لونها – كأحد أبرز المكونات “الخارقة” التي يتداولها المستخدمون على TikTok، خاصة ضمن هاشتاغ #chlorophyll الذي تجاوز 250 مليون مشاهدة.
من بين هذه القصص الرقمية، حصدت إحدى المستخدمات، على أكثر من 3.3 مليون إعجاب بعد توثيق تجربتها بشرب الكلوروفيل يوميًا لمدة أسبوع لعلاج حب الشباب، مشيرة إلى تحسن ملحوظ في بشرتها وصحتها العامة.
لكن هل هذا الاتجاه الرقمي يستند إلى أسس علمية؟ وما الذي يقوله الخبراء حول تناول الكلوروفيل كمكمل غذائي؟
ومبدئيا ما هو الكلوروفيل:
“الكلوروفيل هو الصبغة الخضراء الموجودة في أوراق النباتات والطحالب والخضروات، والتي تمكّنها من امتصاص ضوء الشمس وتحويله إلى طاقة عبر عملية التمثيل الضوئي. على المستوى الجزيئي، يشبه الكلوروفيل إلى حد كبير الهيموغلوبين، الذي يحمل الأوكسجين في دم الإنسان، ولهذا يُطلق عليه البعض اسم دم النباتات”.
ورغم انتشاره مؤخراً عبر الإنترنت، فإن الكلوروفيل ليس جديداً في عالم العلاجات البديلة. فقد استُخدم منذ أوائل القرن العشرين في علاج القرح، وتسكين الألم، وتحسين رائحة النفس، بل وحتى في معالجة بعض مشاكل الجلد.
ويُوصف الكلوروفيل اليوم كمكوّن قوي متعدد الفوائد، وتتنوع استخداماته ما بين تحسين الهضم والعناية بالبشرة ودعم صحة الكبد.
وهذه أبرز مزاياه كما يشرحها الخبراء:
1. مضاد للالتهابات
توضح ريان ستيفنسون، خبيرة تغذية ومؤسسة Artah: “الكلوروفيل يقلل من الجذور الحرة ويساعد الجسم على التخلص منها، ما يعزز صحة الكبد ويقلل من الالتهابات، وبالتالي يخفض من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة”.
2. يعزز صحة البشرة
يسرّع من التئام الجروح، يقلل من حب الشباب، ويقاوم علامات التقدم في السن عبر تعزيز إنتاج الكولاجين وتقليل الالتهابات الجلدية.
3. يدعم توصيل الأكسجين للخلايا
ويُعد الكلوروفيل محفزًا جيدًا لإنتاج خلايا الدم الحمراء، مما يحسّن نقل الأكسجين في الجسم، ويساهم في تحسين النشاط العام وصحة البشرة.
4. يساعد في تطهير الكبد
ويساهم في منع امتصاص السموم مثل “الديوكسينات” الموجودة في بعض الأطعمة، كما يدعم إنزيمات الكبد المسؤولة عن إزالة السموم، ويُعتقد أنه يساعد على تجديد خلايا الكبد التالفة بفعالية تفوق بعض الأعشاب التقليدية مثل السلبين المريمي (حليب الشوك) والخرشوف.
5. يعزز صحة الجهاز الهضمي
ويُعتبر الكلوروفيل من أفضل المنظّفات للقولون، إذ يساعد في تحسين تدفق الدم إلى الأعضاء، ويعمل كمضاد ميكروبي يقلل من نمو البكتيريا والفيروسات الضارة المرتبطة باضطرابات الأمعاء والجلد والمزاج.
ولكن ما هي المخاطر المحتملة؟
فبرغم فوائده المتعددة، يوصي الخبراء بالحذر عند تناول الكلوروفيل كمكمل غذائي، خاصة في الحالات التالية:
تفاعلات مع الأدوية: قد يؤثر على امتصاص بعض الأدوية أو المكمّلات إذا تم تناوله في نفس الوقت، لذا يُنصح بالفصل بينهما بساعتين على الأقل.
حساسية الضوء: قد يرفع الكلوروفيل من حساسية الجلد لأشعة الشمس، خاصة عند تناوله بكميات عالية أو مع بعض أدوية حب الشباب والمضادات الحيوية.
مشاكل في الجهاز الهضمي: قد يسبب إسهالاً أو تهيجاً هضميًا لدى البعض، خصوصاً في شكله السائل.
الحمل والرضاعة: لا توجد بيانات كافية حول سلامته خلال الحمل، لذلك يُفضّل الاعتماد على مصادر غذائية طبيعية بدلاً من المكملات.
كيفية تناول الكلوروفيل بأمان
لأنه لا يُعد من العناصر الغذائية الأساسية، لا يوجد جرعة موصى بها رسمياً، ومع ذلك، تشير معظم المنتجات إلى جرعات يومية تتراوح بين 100 و300 ملغ: فتناول الكلوروفيل ينبغي أن يكون مكملاً لنظام غذائي غني بالخضروات الورقية مثل السبانخ والبقدونس وعشب القمح، لا بديلاً عنها.
هل له طعم؟
نعم، لكن يمكن تحمّله، يوصف مذاقه عادة بأنه “ترابي” أو “عشبي” أو حتى “معدني”، ويشبه إلى حد كبير عصير السبانخ الطازج، لذلك غالبًا ما يُخلط بالنعناع أو يُخفف بالماء.
وختاماً فان الكلوروفيل ليس مجرد موضة رقمية عابرة، بل يحمل في طيّاته مجموعة من الفوائد الصحية المثبتة جزئيًا. لكن، كما هو الحال مع معظم المكملات، تبقى استشارة الطبيب أو اختصاصي التغذية الخطوة الأهم قبل بدء تناوله، خصوصاً عند وجود حالات صحية خاصة أو أدوية مرافقة.




وبين التجربة الرقمية والبحث العلمي، تبقى الحقيقة الواضحة: لا بديل عن نظام غذائي متوازن ومتنوع، والكلوروفيل – مهما كانت فعاليته – ليس علاجًا سحريًا، بل مكمّل يمكن أن يعزز نمط حياتكِ الصحي.