مصممة المجوهرات السعودية ليلى المحلمي تعيد كتابة قواعد النحت القابل للارتداء من خلال مجوهراتها

في عالم المجوهرات، حيث تسود التصاميم المتكررة أو المغالية في البهرجة، تبرز المصممة ليلى المحلمي بأسلوبها المختلف، مقدّمة قطعًا فضية تتميّز بالعفوية والانسيابية والارتباط الوثيق بالجسد والبيئة.
من بين الأقراط المبالغ فيها والقطع الكلاسيكية الخجولة، وجدت المحلمي مكانها الخاص عبر تصاميم تشبه البذور أو الجذور، كما لو كانت نبتت مباشرة على الأذن، أطواقها الفضية تبدو منحوتة أكثر من كونها مصوغة، ناعمة الملمس ولكنها غريبة، آسرة في تفاصيلها وملامحها غير المتوقعة.
ليلى، المولودة في جدة ونشأت بين السعودية ومصر، تقيم اليوم في أمستردام، وتستوحي تصاميمها من الطبيعة المحيطة بها: من أشجار النخيل في حديقة عمتها، إلى الشعاب المرجانية، وصولًا إلى جذور الأشجار المتشابكة. كل قطعة تصوغها تحمل حوارًا بين الجلد والمعدن، بين الجسد والطبيعة.
رغم تدريبها في حدادة المعادن، إلا أن نزعتها الفنية تميل إلى النحت والتأمل الفلسفي، تعلّمت القواعد في مدرسة رود آيلاند للتصميم، لكنها كسرتها لاحقًا في ورشات نيويورك وتجاربها مع الصائغ الشهير ستيفن ويبستر في لندن.
“المجوهرات تعيش على الجسد، تتشكّل معه وتتنفس”، هكذا تقول المحلمي.
تفضّل الفضة، لأنها مرنة وتواضعها يفتح الباب للتجريب، في تصاميمها، لا وجود للزوايا المصقولة ولا اللمعان الزائف، كل قطعة تحمل طابعًا خامًا، غير مكتمل، ومليئًا بالبصمات والانفعالات، حتى طريقة عرضها للقطع – كأن توضع بجوار أظافر مطلية بالأخضر الفلوري – تكرّس رؤيتها البصرية التي تبتعد عن الكلاسيكية وتسعى إلى شيء أكثر إنسانية وواقعية.
لكن على الرغم من غرابة تصميماتها، فإنها قابلة للارتداء بشكل يومي، سواء كانت في حفل زفاف أو على طاولة الإفطار، ترى المحلمي أن المجوهرات ليست للعرض فقط، بل للعيش، تعارض فكرة “الاحتفاظ” بالقطع الجميلة للمناسبات الخاصة، وتعتبر أن المجوهرات يجب أن تكون امتدادًا يوميًا للشخص، لا ترفًا مؤقتًا.
ويتجلى هذا المفهوم حتى في مشاريعها المفاهيمية، مثل قلادة مصنوعة من سلاسل فضية ومكعبات ثلج حقيقية، بالتعاون مع المهندس المعماري أرييل أندريه، كتعليق ساخر على “قيمة” الأشياء، ومقارنة بين الماس والماء – الضروري والمنسي.
مؤخرًا، بدأت المحلمي توسّع رؤيتها لتشمل أدوات المائدة والأثاث المنحوت، وتقول “الزينة لا تقتصر على الجسد، بل يمكن أن تمتد إلى الطاولة وحتى الشارع”، تتخيل مقعدًا في حديقة عامة مصنوعًا بيدها، مخصصًا للجلوس أو التفاعل. كل ما تصممه – من خاتم إلى ملعقة – هو جزء من ممارستها الحرفية، الحميمة، وغير المتكلفة.
وحتى مع توسّع نطاق عملها، لا تزال المحلمي تصنع قطعها بيديها، لكنها اليوم تؤمن أن “النية” هي ما يصنع القطعة الفنية، لا مجرد صناعتها الكاملة بيد واحدة. نيتها واضحة: خلق مجوهرات حية، تنتمي إلى من يرتديها، تُلمَس وتُستخدم وتُحب – لا أن تُحفظ في صناديق مخملية مغلقة.




