بيان
وداعا محمد إبراهيم أبو سنة شاعر الحداثة المصرية
توفى صباح اليوم الشاعر المصري الكبير محمد إبراهيم أبو سنة عن عمر 87 عاما حيث ترك عالمنا بعد مسيرة حافلة بالإبداع الشعري والعطاء الأدبي، ولد أبو سنة في 15 مارس 1937 في مدينة الصف وقد أوصى بأن يقتصر العزاء على مراسم الجنازة التي ستقام عقب صلاة الظهر في مسجد السيدة نفيسة في القاهرة قبل أن ينقل جثمانه إلى مقبرة الأسرة بمدينة السادس من أكتوبر
نشأ أبو سنة في بيئة غنية بالثقافة في محافظة الجيزة والتحق بكلية الدراسات العربية في جامعة الأزهر حيث حصل على الليسانس في اللغة العربية عام 1964 بدأت رحلته العملية في الهيئة العامة للاستعلامات حيث عمل كمحرر سياسي لمدة عشر سنوات بين عامي 1965 و1975 ما منحه أساسًا متينًا في مجال الكتابة والتحليل بعد ذلك انتقل إلى الإذاعة المصرية ليعمل في تقديم البرامج الثقافية في إذاعة البرنامج الثاني ثم ارتقى في مناصبها ليصبح مدير عام البرنامج الثقافي عام 1995 ونائبا لرئيس الإذاعة.
تعد أعمال أبو سنة الشعرية علامة فارقة في الأدب المصري حيث أضافت نكهة خاصة إلى الشعر الحديث أصدر 12 ديوانا شعريا منها "قلبي وغازلة الثوب الأزرق" عام 1965 و"أجراس المساء" عام 1975 و"رماد الألسنة الخضراء" عام 1985 و"شجر الكلام" عام 1990 والتي جاءت لتعبر عن واقع الحياة والانفعالات الإنسانية من أشهر أعماله أيضًا دواوين مثل "مرايا النهار البعيد" و"رقصات نيلية" و"موسيقى الأحلام" التي لاقت ترحيبًا واسعًا من النقاد والجمهور على حد سواء.
كما كتب مسرحيتين شعريتين بعنوان "حصار القلعة" و"حمزة العرب" وقد كان لكل منهما طابعها الفريد حيث تعكسان عمق فلسفته الشعرية وتوظيفه للشعر للتعبير عن مواضيع تاريخية واجتماعية إضافة إلى الشعر قدم أبو سنة صياغة شعرية لمائة قصيدة من الشعر الأرمني ليبرز بذلك انفتاحه على الثقافات الأخرى.
اعتبر أبو سنة واحدًا من أبرز شعراء جيل الستينيات في مصر وقد تميز بقدرته على التفاعل مع المشاعر الإنسانية وتعميق الرمزية في أعماله مما جعله فريدًا في الوسط الأدبي حصل على جائزة الدولة التشجيعية في الشعر عام 1984 تقديرا لإسهاماته الشعرية المتميزة كما حاز على جائزة أحمد شوقي الدولية من النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر عام 2021 قبل أن تكلل مسيرته الفنية بجائزة النيل في الآداب التي حصل عليها في العام الجاري 2024 وهي واحدة من أرفع الجوائز الأدبية في مصر.
بقي أبو سنة طيلة مسيرته الأدبية محتفظا بسماته الفنية المتميزة حيث تمكن من دمج الرمزية والحداثة في أعماله ليشكل كيانا أدبيًا خاصًا جمع في شعره بين البوح الصادق والوعي الاجتماعي مستلهما من البيئات الشعبية والأصالة المصرية ومنفتحا على التجارب الإنسانية ما جعله أحد الأسماء البارزة في المشهد الشعري العربي.
برحيل محمد إبراهيم أبو سنة يفقد الأدب العربي علمًا من أعلامه وشاعرًا قدم الكثير للثقافة العربية تاركا وراءه إرثا شعريا وفكريا سيظل مرجعا للأجيال المقبلة.